سوء التغذية يضع أطفال اليمن في صراع بين الحياة والموت

تعمل اليونيسف مع شركائها على توسيع نطاق برامجها التغذوية لمعالجة وعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ضمن فئات السكان الأكثر ضعفاً في 165 مديرية من أصل 333 مديرية في البلاد معرضة بشدة لخطر المجاعة

علي قاسم
فاطمة محمد، البالغة من العمر عاما ونصف العام، والتي تعاني من سوء التغذية الحاد، أثناء أخذ قياساتها في مركز العلاج الذي تدعمه اليونيسف في زنجبار، محافظة أبين.
يونيسف اليمن/2020/محمود الفلسطيني
15 أيلول / سبتمبر 2020

تحمل الأطفال في اليمن العبء الأكبر للنزاع الدائر منذ ما يزيد عن ستة أعوام والذي يتسم بانعدام الأمن الغذائي ونظام رعاية صحية متهاوي. وقد أصبح سوء التغذية يمثل خطرا حقيقيا للأطفال الذين يواجهون في الأصل أخطار الحرب والأمراض والفقر مجتمعة.

وتشير تقديرات اليونيسف إلى أن مليوني طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 325,000 طفلا دون الخامسة ممن يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم ويصارعون لأجل البقاء على قيد الحياة في ظل تدهور الظروف الاقتصادية والمعيشية وانهيار المرافق الصحية الحكومية ونقص الكادر الطبي الذي يقدم خدمات الرعاية الصحية بصورة مباشرة.

تعيش الأسر اليمنية في هذا البلد العربي الفقير حياة مأساوية مع أطفالهم الذين باتوا عالقين بين الموت والتعرض للإعاقات الدائمة بدلاً من أن يحضوا بحياة طبيعية كبقية الأطفال في جميع أنحاء العالم.

شوقي فهد، البالغ سنة واحدة من العمر، هو واحد من هؤلاء الأطفال الذين كانوا "على وشك الموت عند استقباله لدى عيادة التغذية التي تدعمها اليونيسف"، كما تقول والدته. وصل الطفل شوقي إلى عيادة التغذية وهو في حالة سيئة حيث كان جسده واهنا للغاية ويعاني من فقدان للشهية. لكن على الرغم من الحالة الصعبة التي كان عليها ابنها إلا أن والدة شوقي رأت بصيصا من الأمل عندما بدأت صحة شوقي في التحسن وبدأ في استعادة عافيته. قالت والدة شوقي للتعبير عن امتنانها الكبير، "أود أن أشكر العاملين الصحيين في المركز الذين أولوا الاهتمام الكامل بحالة شوقي وقدموا له العلاج اللازم".

 

تشير تقديرات اليونيسف إلى أن مليوني طفل في اليمن يعانون من سوء التغذية الحاد، بما في ذلك 325,000 طفلا دون الخامسة ممن يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم

شوقي فهد، البالغ سنة من العمر، بين يدي والدته أثناء تواجدهم في مركز الأمومة والطفولة في زنجبار، محافظة أبين.
يونيسف اليمن/2020/محمود الفلسطيني
شوقي فهد، البالغ سنة من العمر، بين يدي والدته أثناء تواجدهم في مركز الأمومة والطفولة في زنجبار، محافظة أبين.

يمكن للمرء أن يشاهد داخل هذا المركز الصحي، والمدعوم ضمن مراكز أخرى من قبل اليونيسف في محافظة أبين، العديد من الأمهات وهن يحتضن أطفالهن الذين بدا عليهم الوهن والهزال. تتوافد عشرات الأمهات إلى هذا المركز بشكل يومي لمعالجة أطفالهن من سوء التغذية الحاد حيث تمثل هذه العيادات التي تدعمها اليونيسف الملاذ الأخير بالنسبة لهن لإنقاذ حياة أطفالهن الغالية. يقوم مركز الأمومة والطفولة في مديرية زنجبار في واقع الأمر بتقديم خدمات صحية وتغذوية متعددة للأطفال والأمهات الأكثر احتياجا وضعفا.

يعد مركز الأمومة والطفولة في مديرية زنجبار وجهة رئيسية للعديد من الأمهات اللواتي يعاني أطفالهن من سوء التغذية
يونيسف اليمن/2020/محمود الفلسطيني
يعد مركز الأمومة والطفولة في مديرية زنجبار وجهة رئيسية للعديد من الأمهات اللواتي يعاني أطفالهن من سوء التغذية

قالت والدة شوقي: "بدأ المركز في تقديم خدمات التغذية العلاجية لطفلي منذ الزيارة الأولى، وكانت الموظفات العاملات في المركز متعاونات للغاية، كما قمن بتزويدي بإرشادات حول سوء التغذية والرضاعة الطبيعية وكيفية الاعتناء بصحة طفلي". وأضافت أن المركز يدعم الأطفال المحتاجين بالمكملات الغذائية مثل "بلمبي نتس" والأدوية كما يوفر السلال الغذائية لأسرهم.

فاطمة عبد الله عمر، طفلة تبلغ من العمر سنة ونصف، أحضرتها والدتها والتي كانت ترقبُ بحزن جسد طفلتها الضعيف وعيونها الغائرة. اضطرت والدة فاطمة للسفر لمدة ساعة تقريبا من قرية الفلوجة إلى العاصمة زنجبار لتجد لابنتها العلاج اللازم في مركز التغذية العلاجية. كان السبب في ذلك أن العديد من المناطق والقرى في محافظة أبين، حتى السنوات الأخيرة، لم يكن بها مراكز متخصصة في علاج الأطفال المصابين بسوء التغذية. قالت والدة فاطمة: "كنت خائفة جدًا من أن أفقد ابنتي لأنها أصبحت نحيلة وضعيفة، ولكن مع العلاج بالغ الأهمية الذي حصلت عليه هنا في المركز بدأت تتعافى حينها شعرت بإحساس كبير بالارتياح أنني لن أفقد ابنتي".

إحدى العاملات الصحيات أثناء أخذ قياسات طفل يعاني من سوء التغذية في مركز رعاية الأمومة والطفولة الذي تدعمه اليونيسف في زنجبار، محافظة أبين.
يونيسف اليمن/2020/محمود الفلسطيني
إحدى العاملات الصحيات أثناء أخذ قياسات طفل يعاني من سوء التغذية في مركز رعاية الأمومة والطفولة الذي تدعمه اليونيسف في زنجبار، محافظة أبين.

بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والإمارات العربية المتحدة من خلال مشروع المنح إمداد، عملت اليونيسف على توسيع نطاق برامجها التغذوية لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية

بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية والإمارات العربية المتحدة من خلال مشروع المنح إمداد، عملت اليونيسف على توسيع نطاق برامجها التغذوية لعلاج الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية ضمن الفئات السكانية الأكثر ضعفا في 165 مديرية من أصل 333 مديرية معرضة بشكل كبير لخطر المجاعة. تمكنت اليونيسف من خلال هذا التمويل من تزويد وتجهيز هذه المراكز بالإمدادات الصحية والأدوية الأساسية لتمكينها من تقديم الخدمات الصحية والتغذوية الأساسية للأطفال.

مركز الأمومة والطفولة في زنجبار والذي يستقبل الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في محافظة أبين.
يونيسف اليمن/2020/محمود الفلسطيني
مركز الأمومة والطفولة في زنجبار والذي يستقبل الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد في محافظة أبين.

تقول رشيدة أبو بكر، وهي طبيبة تعمل في مركز الأمومة والطفولة في زنجبار منذ سنوات: "يأتي الأطفال إلى المركز وهم يعانون من سوء التغذية الحاد الوخيم مع وجود أعراض تشمل فقدان الشهية وجفاف الجلد وتساقط الشعر. يبدون وكأنهم مجموعة من الجلد والعظام فقط. نقوم بفحص الأطفال ومعاينتهم باستخدام الميزان وجهاز قياس الطول وأشرطة فحص محيط منتصف أعلى العضد (المواك)". أردفت الطبيبة رشيدة بالقول: "يحتاج الأطفال إلى مساعدات إنسانية واسعة النطاق تتكون من الغذاء والدواء والمكملات الغذائية".

يقدم المركز أيضا إلى جانب الدعم الحالي العديد من الخدمات الأخرى بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية الإنجابية للنساء الحوامل والمرضعات، وخدمات تنظيم الأسرة، والتحصين، والمشورة للأمهات بشأن الرضاعة الطبيعية والتغذية السليمة للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 أشهر و 5 سنوات.

قالت منى سعيد، وهي طبيبة أخرى متخصصة في التغذية: "يشهد المركز مؤخرا تحسنا ملحوظا في علاج حالات سوء التغذية من خلال الدعم الذي حصلنا عليه من اليونيسف. نحن نقدم العلاج المجاني للأطفال ونقدم الاستشارات والدعم للأمهات بشأن الاقتصار على الرضاعة الطبيعية للرضع". كما أكدت الطبيبة منى أن الأسباب الرئيسية لسوء تغذية الأطفال تتمثل في عدم قدرة الأسر الفقيرة على تغطية نفقات نظام غذائي جيد لأطفالهم بالإضافة إلى افتقار الأمهات إلى التغذية السليمة أثناء الحمل.

وبالرغم من انعدام الأمن وحالات العنف تستمر اليونيسف وشركاؤها في دعم وتوسيع نطاق أنشطة الإدارة المجتمعية المتكاملة لسوء التغذية الحاد. وقد تم خلال النصف الأول من العام 2020 فحص أكثر من 1,5 مليون طفل دون الخامسة للكشف عن حالات سوء التغذية، حيث تم استقبال 96,344 طفلا مصابا بسوء التغذية الحاد الوخيم لتلقي العلاج. بالإضافة إلى ذلك حصلت حوالي مليون أم على استشارات خاصة بتغذية الرضع والأطفال الصغار بهدف تبني أفضل الممارسات الخاصة بالتغذية.